بحيرة غامضة ومرعبة في خليج المكسيك، تكونت قبل آلاف السنين، مياهها شديدة الملوحة لدرجة أنها تقتل كل من يغوص بها، حتى أن العلماء أطلقوا عليها لقب حوض اليأس الساخن.
عام 2016 وعلى عمق من سطح خليج المكسيك، تم الوصول الى بحيرة يحاوطها الغموض، ملوحتها الشديدة تفتك بأي كائن حي يقترب منها، إذ ترتفع نسبة الملوحة فيها لثمانية أضعاف تقريباً من ملوحة مياه الخليج هناك، عدا عن احتوائها على مواد شديدة السمية وسخونة مياهها الشديدة. العجيب أن هذا الحوض وبالرغم من كونه يقع تحت سطح المياه بنحو ألف متر إلا أن مياهه لا تختلط بالمياه الأخرى بسبب ملوحة مياهه وكثافتها الفائقة لدرجة أن بعض العلماء شبهوها بمحيط صغير من مواد كيميائية شديدة السمية.
هنا سؤال قد يتبادر الى الأذهان، كيف تكوّن هذا الحوض المائي داخل مياه البحر؟ .. منذ ملايين السنين كان خليج المكسيك ضحلاً جداً أكثر مما هو عليه الآن وبمرور الزمن ومع عوامل التغير المناخي تبخرت المياه الضحلة تدريجياً لتترك خلفها طبقات ملحية سميكة استغرقت ملايين السنين لتتكون خلال العصر الجوراسي وهو ثاني العصور الثلاثة من حقبة الحياة الوسطى، هذ الطبقات من الأملاح ومع الضغط الهائل للمياه فوقها تحولت تدريجياً لمغطس ملحي مركز وشديد السمية.
يعد خليج المكسيك أكبر خليج في العالم وعاشر أكبر مخزون مائي على الكوكب، تشكل قبل نحو 300 مليون سنة ويغطي نحو 600 ألف ميل مربع، تعيش فيه شعاب مرجانية يبلغ عمرها حوالي 2000 عام. أما حوض اليأس فيبلغ محيطه حوالي 30 متراً وعمقه يصل لحوالي 4 أمتار، وهو مليء فقاعات الميثان، أما سمك طبقاته الملحية فتصل أحياناً لـ8 كيلومترات.
حوض اليأس يلتهم الحيوانات البحرية بداخله، تختنق هذه الكائنات وتموت وتبقى جثتها وكأنه تم تحليلها، فعندما يتم سحب الماء من خلايا الضحية تتوقف عملية تحلل جسدها، لكن حوض اليأس ليس البحيرة الوحيدة القاتلة تحت الماء على وجه الأرض، فهناك بحيرات مماثلة في بعض المسطحات المائية العميقة التي تنتشر في خليج المكسيك والبحر الأبيض المتوسط كما أن البحر الأحمر وحده يوجد به نحو 25 بحيرة من هذا النوع.