هو أبو الحسن علي بن أبي سعيد المصري، وهو سليل أسرة عريقة اشتهرت بالعلم، فكان أبوه من كبار المحدّثين الحفّاظ، وقد وضع لمصر تاريخاً يرجع إليه العلماء. وقد عاصر بن يونس الفاطميين، وكان منهم من اهتم برصد النجوم، وفي عام 395 هجرية أسس الحاكم بأمر الله الفاطمي "دار الحكمة" وهي تعتبر في ذلك الوقت من اكبر مراكز البحوث العربية، وقد ألحق الحاكم بأمر الله بهذه الدار مكتبة ضخمة عُرفت باسم دار العلم، وكان بن يونس واحداً من علمائها البارزين كما كان الحسن بن الهيثم.
واتخذ ابن يونس مرصده الفلكي على صخرة كبيرة فوق جبل المقطم، وهناك تمكّن من رصد كسوفين للشمس عامي 977 و 978 ميلادية. ثم بنى له العزيز الفاطمي مرصداً على جبل المقطم بالقرب من مدينة الفسطاط، وزوده الحاكم بن العزيز بالأجهز العلمية والمعدات. وابن يونس هو أبو الجداول الفلكية والرياضية بمفهومها الحديث، وتدل هذه الجداول على دقة ابن يونس المتناهية في الحساب. ومن أهم أعمال بن يونس أنه أول من اخترع بندول الساعة، وليس جاليليو كما يشاع، ومعنى ذلك أنه كانت لديه فكرة سليمة عن أن زمن الذبذبة لأي بندول يتناسب مع طوله، وقد توصل الى معرفة تلك الحقيقة عن طريق التجربة.
وأهم ما يميز فلسفة بن يونس المصري أنه لم يكن يؤمن إلا بما يقنتع به عقله، وتتلخص أهم معالم فلسفته في ثلاث نقاط هي: الأخذ بالمبدأ العلمي القائم على الرصد والقياس واتخاذ الكون وما فيه معلماً منه تستنبط الحقائق وإليه تردّ، تدعيم الإيمان عن طريق تلمس آيات الخالق في الكون، ممارسة المتع المشروعة. ومما يذكره ابن خلكان عن أحد المنجمين في عصر أنه طلع معه مرة جبل المقطم، وقد وقف لكوكب الزهرة، فنزع ثوبه وعمامته ولبس ثوباً أحمر ومقنعة حمراء تقنع بها، ثم أخرج عوداً وضرب به، والبخور بين يديه، فكان عجباً من العجاب.