جامع الزيتونة

يعتبر جامع الزيتونة في تونس ثاني المساجد التي تم تأسيسها في بلاد المغرب العربي عقب الفتح الإسلامي، أسسه قائد الفتح الإسلامي في أفريقيا حسان بن النعمان عام 79 هجرية، حيث كان مسجداً بسيطاً متواضع البناء، الى أن قام عبدالله بن الحبحاب والى أفريقيا عام 116 هجرية بتوسعته والزيادة في فخامته، حتى صار من المعالم الإسلامية الرائعة في مدينة تونس. تذهب بعض الروايات الى أن المسجد قد تم تشييده على أرض كان بها صومعة لراهب مسيحي، بعد الفتح الإسلامي لتونس أشار على المسلمين أن يشيدوا مسجدهم في مكان صومعته بالتحديد، لأنه رأى نوراً يتألق ليلاً فأحس بأهمية المكان، فمنع عنه الحيوانات، وأبعد عنه القاذورات، فقرر المسلمون اتخاذه مصلى لهم، كما يرجع سبب تسميته بذلك الإسم لوجود شجرة زيتون ضخمة، كانت بالقرب من صومعة الراهب. يعتبر جامع الزيتونة من المعالم الإسلامية القليلة في العالم، التي تحتفظ جدرانها بأسماء جميع من شارك في تشييد البناء، لذلك قال عنه أحد المؤرخين أنه مسجد يسجل تاريخه، كما أولت جميع الأسر الحاكمة التي تعاقبت على حكم تونس منذ عهد الأغلبيين، ومروراً بالحفصيين، المراديين، وحتى الحسينيين آخر ملوك تونس قبل إقرار النظام الجمهوري بها، مزيداً من الرعاية والاهتمام بعمارة المسجد. تم بناء المسجد على شكل معين غير متوازي الأضلاع في بعض جوانبه، يتلاءم مع الشكل العام لمدينة تونس التي تأخذ نفس الشكل تقريباً، وهو يخضع في بنائه بوجه عام للنمط الإسلامي الذي بدأ منذ عهد بناء المسجد النبوي الذي يعتمد على تشييد مساحة مسقوفة من البناء، تقام فيها الصلاة، وباحة مفتوحة على السماء تمثل صحن المسجد. يوجد بالمسجد أيضاً منبر خشبي يعود تاريخ صنعه الى عام 250 هجرية، له زوج من الأكتاف يزين كل منها زخارف هندسية على شكل مربعات، ودوائر محفورة في الخشب حفراً غائراً بعناية ومهارة فائقة، تضفي عليه جمالاً وإجلالاً، يزعم بعض أهل تونس أن الدعاء بين حافتي المنبر مستجاب. شرق بيت الصلاة بالمسجد، توجد مكتبة أسسها السلطان أبو عثمان الأغلبي عام 1450 ميلادية، تحوي المكتبة أكثر من 200 ألف مجلد من أندر الكتب والمخطوطات العلمية القيمة، تعرضت تلك المكتبة لاعتداء الجنود الإسبان عام 970 هجرية، فاستباحوا حرمة المسجد بأقدام خيولهم، وأتلفوا محتويات المكتبة، كما قاموا بسرقة الكثير منها ونقلوه الى اسبانيا، ظلت على ذلك الحال من الخراب والدمار حتى عهد العباسي أحمد، أحد ملوك الحسينيين الذي جددها وأعاد لها رونقها، لذلك تُعرف تلك المكتبة اليوم بإسم المكتبة الأحمدية.
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp

معلومات مختارة