من منا لم يشاهد فرس النهر في حديقة الحيوان، إنه واحد من الحيوانات التي لا تضيع من ذاكرة طفولتنا، وفي كل زمان ومكان يستمتع الصغار والكبار برؤيتها وبإطعامها كومة من ثمار البطاطا كلما خرجت من بركتها المائية فاغرة فمها الواسع ذا الأسنان الكبيرة المتفرقة، والذي يبدو وكأنه كهف سحري قديم تحفه الحجارة من جوانبه.
فرس النهر حيوان بري يعيش في قارة أفريقيا، فهي الموطن الأصلي والوحيد له، وفرس النهر لا يشبه "الفرس" في شيء، ولكنه يقضي وقتاً طويلاً من حياته في مياه الأنهار، وعلى هذا فنصيبه من الإسم هو الشطر الأخير منه. ويستطيع فرس النهر أن يتنفس ويرى كل ما حوله وهو راقد تحت الماء لا يظهر منه إلا وجهه فقط.
إنه حيوان ضخم كبير الرأس مفلطح الأنف والفم، له عينان صغيرتان بارزتان وأذنان دقيقتان أعلى رأسه، وله جسد ضخم وأرجله قصيرة ومخروطية الشكل. وهو يعتمد في غذائه على النباتات والأعشاب ويلتهم منها كميات ضخمة في كل يوم، يقتلعها من الأرض بواسطة أنياب كبيرة وحادة.
إنه حيوان هادئ بطبعه ولهذا تجده يعيش وديعاً في حدائق الحيوان يتناسل ويتكاثر داخل الأسوار، ولكنه إذا ثار احتقن كل ما فيه واكتسب جسده لوناً أحمر مثل الدم. ومن الطريق أنه في بعض المناطق يطلق الصغار اسم "السيد قشطة" على فرس النهر. وإذا كان اسم فرس النهر ينطبق نصفه فقط على الحيوان فإن اسم السيد قشطة لا ينطبق نهائياً عليها فلا هو سيد الحيوانات، ولا يوجد وجه شبه بينه وبين القشطة، ولكنه تعبير عفوي صادق يؤكد أنه من أحب الحيوانات الى الصغار، وإن رؤيته لها سحر خاص في نفوسهم.
