ديون الخديوي التي هدمت استقلال مصر

"إن مسألة الديون هي الجانب المظلم من عهد إسماعيل، لأنها المأساة التي انتهت بهدم بناء الاستقلال، وتدخل الدول الأجنبية في شؤون البلاد المالية والسياسية" .. هكذا تحدث المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتابه "عصر إسماعيل" عن ديون الخديوي إسماعيل التي اقترضها خلال فترة حكمه، وفتحت الباب على مصراعيه أمام التوغل الأجنبي في البلاد بعد توليه الحكم بعام واحد فقط. بدأ الخديوي رحلة الاقتراض رغم أن البلاد لم تكن في حاجة الى ذلك، كان يستدين بفوائد باهظة وصلت الى 18% ثم بلغت 27%. تحايلت الحكومة المصرية للحصول على المال بشتى الوسائل؛ فكانت تستدين بواسطة السندات على الخزانة بفوائد فاحشة. لكن الإخفاق الأكبر في تاريخ الخديوي إسماعيل بدأ بالافتتاح الأسطوري لقناة السويس بحضور ملوك وملكات أوروبا، أرهق الحفل الضخم ميزانية البلاد فاضطر الخديوي الى بيع أسهم مصر في القناة الى إنجلترا مقابل 4 ملايين جنيه رغم أنها كانت تساوي 32 مليوناً. ضغطت بريطانيا على مصر لسداد ديونها، وخشي الخديوي من العقوبات الأوروبية، فحاول استرضاء الدائنين عبر نظام يكفل حقوقهم، فطلب الى وكلاء الدائنين في مصر وضع النظام الذي يرتضونه، فعرض وكلاء فرنسا إنشاء صندوق الدين وتوحيد الديون. في النهاية، أُجبر الخديوي على التنازل عن عرشه تحت الضغط الإنجليزي والفرنسي، وبقيت الديون إحدى صفحاته السوداء الخالدة.
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp

معلومات مختارة