جزيرة ناورو .. لعنة الثراء الفاحش

جزيرة بعيدة عاش أهلها في هدوء واطمئنان، قناعتهم ورضاهم بحياتهم البسيطة كانت مضرباً للمثل، الى أن فُتحت لهم أبواب الثراء على مصراعيها لتشهد واحدة من أكثر القصص عبرة في بناء المجتمعات، إنها جزيرة ناورو. رحلة التحول من بلد للأثرياء الى مستنقع للفقراء. تقع جزيرة ناورو في جنوب غربي المحيط الهندي، مساحتها 21 كيلومتراً مربعاً، لذا فهي تعتبر أصغر دولة في تلك المنطقة وثالث أصغر دولة في العالم وسكانها لا يتعدون 10 آلاف نسمة. عام 1968 نالت هذه الجزيرة استقلالها من بريطانيا. امتلكت جزيرة ناورو أكبر مناجم الفوسفات في العالم، وأصبحت مقصداً لعدد كبير من الأثرياء وأصحاب الأموال فتحولت الى جنة لسكانها، فلا حاجة للعمل مع أرباح شهرية تصل الى جيوبهم من بيع الفوسفات وأعمال التنقيب عنها واستخراجها عهدت الى عمالة من الخارج، والخدمات أصبحت مجانية وألغيت جميع الضرائب. البذخ انتشر في كل أرجاء الجزيرة، سيارات فارهة ومنازل فخمة ونوادٍ ليلية، وينبوع دافق من النقود فُجّر لأهلها، لدرجة أنه عندما كانت تتعطل سيارة لأحدهم يرميها في مياه المحيط ويتوجه الى أستراليا ليشتري غيرها. لكن ذلك الوضع لم يدم طويلاً فسرعان ما ضربهم الفقر والمرض نتيجة سياستهم الاقتصادية الفاشلة، فالحكومة هناك كانت تنفق مبالغ طائلة على مشروعات فاشلة منيت بخسائر فادحة ولم تدرك أن مخزون الفوسفات سينفد يوماً ما وهو ما حدث، بالفعل وُضعت ناورو في مأزق لا تحسد عليه لدرجة أن أستراليا تدخلت وقتها بما عُرف باسم عملية "الحل الهادئ" الفقر ضرب الجميع فبعد نمط الحياة الباذخ، لم يكن أحد معتاداً على العمل أو التجارة، وفي غضون عقود قليلة ارتفعت نسبة البطالة الى 90%، وأصبح نحو 97% من سكان الجزيرة مصابين بالسكري الذي تسبب في موت الكثير منهم، واضطر سكانها الى العودة للصيد حتى يتمكنوا من مواصلة حياتهم. لتبقى الجزيرة مضرب مثل لسوء استغلال الموارد والأموال.
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp

معلومات مختارة