“أومرتا” .. قانون المافيا المقدس

قانون مقدس في عالم المافيات لا يجوز كسره مهما كلّف الأمر، لأن ذلك يعني الخيانة العظمى ويعرض صاحبه لأشد أنواع التعذيب والقتل التي قد تطال أسرته كذلك. ظل سراً لسنوات طويلة حتى تجرأ أحدهم وباح به، إنه قانون "أومرتا". القانون الذي مكّن المافيا من التحكم بدول بأكملها. قصة القانون تعود لنشأة المافيا في مطلع القرن الـ19، حينما كانت مملكة الصقليتين في إيطاليا تتداعى وسادت الفوضى الأرجاء، فبدأت عصابات من قطاع الطرق تعمل بمثابة جيوش لصالح الجهة التي تدفع أموالاً أكثر. لكن عندما اندمج شمال إيطاليا مع جنوبها في مملكة واحدة في ستينيات القرن الـ19، وتأسس معها نظام قضائي وقوات شرطة، وجدت عصابات المافيا نفسها في مواجهة سلطة الدولة، وعليه تم استحداث قانون داخلي يقضي بعدم التحدث مع سلطات الدولة أبداً تحت أي ظرف كان. القانون اقتضى عدم الإفصاح عن أنشطة المافيا أو الحديث عن أفرادها سواء أكانوا على قيد الحياة أم متوفين، وينص كذلك على أن حق الانتقام محفوظ للضحايا وعائلاتهم بشرط عدم اللجوء الى سلطات الدولة القضائية، أما عقوبة كسر الصمت فكانت الإعدام وإلحاق مختلف أنواع التعذيب بعائلة الشخص الذي وشى بالمافيا. عُرف هذا القانون للمرة الأولى عام 1962، عندما ألقت الشرطة الأميركية القبض على رجل مافيا إيطالي يدعى "جوزيف بلاتشي" وحُكم عليه بالإعدام، لكنه ليفلت من العقوبة أدلى بشهادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي وتم تصوير اعترافاته على التلفاز التي أفصح فيها عن عدد من أسرار المافيا للمرة الأولى في التاريخ ومن ضمنها قانون "أومرتا". لكن رغم كسر الصمت لم تختف المافيات من الوجود؛ مافيا ألبانيا على سبيل المثال تسيطر اليوم على تجارة المخدرات في عدد من الدول ووصل نفوذها الى بريطانيا والولايات المتحدة. أما مافيا روسيا فنشأت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتعد الأخطر على مستوى العالم والأكثر تنظيماً في الوقت نفسه، ترتكز نشاطاتها على النصب الإلكتروني وأعمال التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة. وهناك أيضاً المافيا الصينية والتي تشترط على أعضائها الجدد تناول كأس من النبيذ مخلوط بدم حيوان مذبوح، وتتخصص بأعمال السطو المسلح والتهريب بالإضافة للسرقة والقتل المأجور. وأخيراً المافيا الصربية المتخصصة بتجارة الكوكايين والتي نشأت في أعقاب الفقر الذي حل بالبلاد أثناء الحرب اليوغسلافية عام 1991، وهذا ما جعل كثيراً من أفراد الشعب يسارعون بالانضمام لها هرباً من الفقر.
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp

معلومات مختارة