سم عجيب ليس كغيره من السموم، قوي لدرجة أن غراماً واحداً منه فقط كفيل بقتل مليون إنسان، لكنه في الوقت نفسه سر من أسرار الجمال وملاذ للباحثين عن الشباب الدائم، إنه البوتوكس السم المعجزة.
التخلص من علامات الشيخوخة أمر يؤرق الكثيرين ويدفعهم لإنفاق مبالغ طائلة وحقن مواد مختلفة في أجسامهم ليبدوا أصغر سناً، الغريب أن بعض تلك المواد شديد السمية ومنها مادة البوتولينيوم التي تدخل في تركيب حقن البوتكس الشهيرة. فما قصتها؟ ولماذا يستخدمها الأطباء رغم سميتها الشديدة؟
القصة تبدأ عند نوع محدد من البكتيريا اللاهوائية يدعى المطثية الوشيقية او كلوستريديوم بوتولينيوم، تنشأ في التربة وتنتشر بسهولة بين النباتات، هذه البكتيريا تنتج خلايا تكاثر مقاومة للحرارة وتنشرها على نطاق واسع، وعند انعدام الأكسجين تتجرثم هذه الخلايا وتوّلد سبعة أنواع مختلفة من سم البوتولينيوم، واحد من تلك الأنواع يدعى النوع H يعد قوياً لدرجة أن غراماً واحداً منه فقط قادر على قتل أكثر من مليون شخص، وعلى فرض تناول الإنسان خضروات غير مغسولة تحمل خلايا التكاثر تلك يتجه السم فوراً للجهاز العصبي ويتسبب بإيقاف إطلاق الإشارات الكيميائية من النهايات العصبية وبعد مرة فترة تمتد بين ساعات قليلة الى أيام تبدأ الأعراض بالظهور وتتمثل بتدلى الأعين وصعوبة في البلع وشلل في الوجه وتصل لانعدام الحركة اللاإرادية في عملية التنفس والموت اختناقاً.
البوتوكس يحوي كميات ضئيلة جداً ومخففة من سم البوتولينيوم، فتلك المادة التي تشل الإنسان وتقتله إذا وصلت الى جهازه العصبي تعتبر مفيدة لتخفيف خطوط التجاعيد.
كما توصف جرعات طبية من البوتوكس للمرضى الذين يعانون من تقلصات دائمة ومؤلمة في عضلاتهم فتعمل على إيقاف الإشارات العصبية المتجهة للعضلات وتريح المريض من الألم. والبوتوكس أيضاً يعالج التعرق المفرط عن طريق شل الأعصاب المحفزة للغدة العرقية. وله استخداما طبية وتجميلية عدة. لكن ما يعيبه أن مفعوله مؤقت فبعد 6 أشهر من حقنه يكون الجسم قد استبدل الانزيمات التي تأثرت بالسم وعندها يتعين على المريض حقنها مرة أخرى. كما أن الجرعة المخففة منه قد تسبب ألماً في الوجه واحمراراً في الجلد بالإضافة لضعف العضلات في موقع الحقن.
البوتوكس مثال عملي آخر على جنون العلم، العلم الذي أدخل السم القاتل الى خلطة سحرية تعيد الشباب الضائع وتساهم في التخلص من كثير من الأمراض والأوجاع.