خطر المقارنات، كيف تدمرنا منصات التواصل؟
كثيراً ما يدخل مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في مقارنات مع الآخرين، لا سيما عندما يشاهدون ما ينشره غيرهم من صور ومقاطع، تظهر عيشهم "الرغيد"، أو نجاحاتهم الكبيرة. هذه المشاعر ليست حسداً بقدر ما هي غيرة، وقد تكون موجهة ضد عدة أشخاص، ويصاحبها شعور الفشل. ظاهرة المقارنة منتشرة للغاية في العصر الرقمي، لا سيما على منصات التواصل التي أصبحت جزءاً رئيسياً من حياتنا، وتشير الاستطلاعات الى أن الظاهرة تمس معظم النساء والرجال.
الشخصية العصابية الأكثر تأثراً
تشير دراسة منشورة على المجلة العلمية "أوكس جورنال" أن الشخصية العصابية، أي الشخصية التي تنفعل بسرعة، هي الأكثر عرضة لإجراء هذه المقارنات. ومن أسباب ذلك انعدام الاستقرار العاطفي ، خصوصاً في فترات الاكتئاب والمزاج السيء، وتعمد هذه الشخصية الى المقارنة، من أجل تقليل عدم اليقين أو الشعور بتحسن الذات. يميل هؤلاء للمقارنة مع من يحققون نتائج أفضل منهم، ولا يعبؤون كثيراً بمن هم في وضع أسوأ. ويرى الباحثون أن الاكتئاب وقلة تقدير الذات من شأنهما دفع الإنسان لمقارنات ضارة، تفاقم تدهور صحته النفسية.
الاستخدام السلبي ينسف تقدير الذات
حسب دراسة "أوكس جورنال"، فإن مستخدمي منصات التواصل صنفان: أحدهما نشط والآخر سلبي، أما النشط فهو يتفاعل على المنصات تدويناً وتعليقاً ونشراً وتجاوباً مع الآخرين، وأما السلبي فإنما يتابع المنشورات بصمت. ترى الدراسة أن السلبيين أكثر عرضة لهذه المقارنات فهم يميلون إلى تقزيم أنفسهم أمام الآخرين، وحين يتكرر ذلك كثيرا على مدى زمن طويل، يصبح احتمال الضرر الناتج عنه أكبر. لذلك يُنصح باتباع نشاط إيجابي على منصات التواصل نشراً وتفاعلاً، ومع أن ذلك غير ممكن للجميع فإن الأهم ألا يكون الحضور على المنصات لمجرد "الاستهلاك الصامت".
المراهقون هم الحلقة الأضعف
يعد المراهقون أكثر عرضة لاختبار المشاعر السلبية عند إجراء هذه المقارنات بحكم أنهم أكثر فئات المجتمع استهلاكاً لمنصات التواصل، ولذلك فهم أكثر عرضة للإحساس بانخفاض الذات. لا تحسم الدراسة أي الجنسين أكثر تعرضاً لهذه المقارنات، لكن هناك تصورا سائداً بأن النساء أكثر عرضة لا سيما مع انتشار فيديوهات ومنصات للأجساد الرشيقة المثالية، التي يسعى إليها كثير من النساء.
عقدة الجسد المثالي
تقع نساء كثيرات في فخ المقارنات، عندما يتعلق الأمر بالرشاقة والقوام المثالي على منصات التواصل، وهو ما أكدته دراسة أجرتها باحثتان بريطانيتان على عينة من النساء وطلبتا منهن القيام بمقارنات متكررة على منصات التواصل في مواضيع التغذية. كانت النتيجة أن المشاركات أضحين أقل رضا عن أجسادهن، لا سيما حين تكون لديهن أفكار سلبية سابقة، عن طبيعة تناولهن الطعام.
حلول تبعدك عن المقارنات
تقترح منظمة "شارلي وولر" للصحة النفسية عدة أفكار للتوقف عن المقارنة، أولها معرفة مدى تكرارها ومحفزات ذلك. ويمكنك أن تسأل نفسك مع من قارنت نفسي في آخر 24 ساعة؟ وفي أي منصة اجتماعية؟ عليك الاقتناع أن كل إنسان له نقاط قوة وضعف، وأنك لا ترى إلا جزءا من الصورة، ولا تعلم الحقيقة الكاملة. وعليك أن تتقبل وضعك الحالي، ثم تختار السرعة المناسبة لك لتحسينه، وتقتنع أن التغيير يحتاج بعض الوقت. عزز شعور القبول الذاتي والتفكير الإيجابي، وكن أفضل صديق لنفسك.