حصار حوّل سكان مدينة لأكلة لحوم البشر، وقع في الاتحاد السوفييتي، وروى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن شقيقه كان من ضحاياه.
كانت مدينة ليننغراد المنسوبة للقائد الشيوعي فلاديمير لينين تسمى "سانت بيترسبرغ" وكانت عاصمة للإمبراطورية الروسية قبل سقوطها على يد الشيوعيين. يوم 21 من يونيو عام 1941، هاجمت القوات الألمانية والفنلندية الاتحاد السوفييتي بعملية بارباروسا، كانت ليننغراد من أهم المدن التي طمحت القوات النازية لاحتلالها، فحاصرها على مراحل، الجنود الفنلنديون شمالاً والألمان جنوباً، ثم استطاعوا في أغسطس السيطرة على خط لسكة الحديد فعزلوها عن باقي مدن الاتحاد. وبعد مقاومة السوفييت الشرسة، قصف الألمان مخازن المواد الغذائية وقتها واجهت سلطات المدينة الموقف بتقليص حصة الفرد لشريحة واحدة من الخبز يومياً، عن هذا روى بوتين: "سرقوا بطاقة التموين الخاصة بوالدتي، جاءت للحصول على الخبز فضربها أحدهم على ذراعها وأمسك بالبطاقة وهرب".
وبدأت المجاعة في ديسمبر، حتى أكل الناس حيواناتهم الأليفة وحيوانات "حديقة الحيوانات"، ثم حلّ أبرد موسم شتاء عرفه تاريخ المدينة، إذ انخفضت الحرارة لأربعين تحت الصفر، انخفاض درجة الحرارة جعل بحيرة "لادوغا" تتجمد، مما مكّن عدداً من النساء والأطفال من الهرب سيراً على سطح البحيرة ومكّن الحكومة السوفييتية من إرسال القليل من المساعدات عبر تسيير المركبات فوق البحيرة المتجمدة، وقتها بدأ الجوعى أكل لحوم الأموات ووقعت جرائم قتل من أجل أكل الضحية، واضطرت شرطة المدينة لإنشاء قسم خاص بهذه الجريمة غير المسبوقة. ورغم ذلك استمر سكان المدينة في إنتاج الأسلحة والتصدي للغزاة حتى لا يدخلوا المدينة، ولكن الألمان لم يرحموهم وقُتل بقصفهم 600 ألف من سكان المدينة في عام 1942 وحده.
ثم حل الصيف وجازفت القوات السوفييتية بإرسال بارجات عبر ذات البحيرة متفادية القصف الألماني فوقها، لإمداد المدينة بالمساعدات. العام 1943، استطاع الجيش الأحمر الروسي خرق الحصار عبر ذات البحيرة وأدخلوا المزيد من المساعدات وعٌرف الاختراق بـ"طريق الحياة"، لأن السوفييت استطاعوا مد أنبوب للوقود ومد كابلات الكهرباء عبر قاع البحيرة.
أوائل العام 1944، وصلت القوات السوفييتة مشارف المدينة فتراجع الألمان جنوباً يوم 27 من يناير، ثم كُسر الحصار تماماً. وبدأ السوفييت عملية كبرى لدحر النازيين بعد 4 أشهر. لكن الحصار المرير الذي استمر قرابة 900 يوم حصد أرواح مليون إنسان وزيادة، ولم تستطع المدينة تعويض عدد سكانها الأصلي قبل الحصار وهو ثلاثة ملايين نسمة إلا عام 1960.