خيار ضروري بعد الحروب الأهلية وسقوط الديكتاتوريات، وشرط أساسي لضمان السلم الأهلي والاستقرار الطويل. ما مفهوم العدالة الانتقالية؟. نشأ المفهوم من محاكم نورنبيرغ الألمانية عام 1945 حين وسعت القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية قوانينها الجنائية لمحاكمة قيادات عسكرية وسياسية في النظامين النازي والياباني، بالتركيز على الجرائم التي ارتكبوها دون النظر لحصانتهم السياسية. في السبعينيات أصبح المفهوم أكثر نضجاً بعد تجارب كثيرة، منها محاكمة أعضاء النظام العسكري في اليونان عام 1975، والتحول الديمقراطي في الأرجنتين عام 1983، ومن أهم الأمثلة ما شهدته جنوب إفريقيا بعد إلغاء التمييز العنصري، إذ حُكم على الآلاف من المسؤولين وأفراد الشرطة بعقوبات متفاوتة، واستفاد آخرون من العفو المشروط بالاعتراف بالجريمة. تقوم العدالة الانتقالية على أربعة أسس وفق التجارب السابقة؛ كشف الانتهاكات وفهم الأسباب والظروف التي أدت الى ارتكابها، محاكمة الضالعين في الانتهاكات أمام المحاكم الوطنية أو الدولية، وتعويض الضحايا أو تقديم الاعتذار في بعض الحالات العرقية، والإصلاح الإداري والمؤسسي بما يضمن عدم تكرار الانتهاكات. لا يقتصر تحقيق العدالة الانتقالية على القضاء المحلي، إذ أُنشئت محاكم دولية مخصصة لأحداث محددة مثل مذابح رواندا، لكنها تفتقر عادة الى الآليات التنفيذية المطلوبة لإنجاز العدالة، وتعتمد كلياً على تعاون حكومات العالم على اعتقال المتهمين وتسليمهم.